السؤال: أرجوك ساعدينِي؛ أنا في حَيْرة من أمري. أنا فتاة عمري 22 عامًا، مخطوبة بعقد قِرَان، وخطيبِي طيِّب وأخلاقه حسَنة، ولكن المشكلة أنه هو وأهله يحبون المزاح والضحك الزائد عن الحد، لدرجة أنهم أحيانًا يقولون كلامًا مثل الرَّصاص، ويُصدِرون الشتائم ويَضحكون، ويقولون: إننا (ننكِّت) معك!
في البداية، كنت أتحمَّل ولا ألفت انتباهي، وأقول: إنه موضوع تافه وعادي، ولا يستحقُّ أن أقف عليه، لكن بصراحة لم أعُد أتحمَّل ذلك، خصوصًا أنِّي لست معتادة على ذلك الأمر، ولم أُرَبَّ على هذا، وفي الآونة الأخيرة أحسست أنَّ الوضع زاد، لدرجة أنِّي أحسُّ بأنَّهم لم يعودوا يحترمونني، وتكلَّمتُ معه كثيرًا في هذا الموضوع بأني متضايقة من هذا الأسلوب الذي يتعامَل به هو وأهله معي، ولكنَّ جوابه كان باردًا وسلبيًّا جدًّا، واتَّهمني بأني أختَلِق المشاكل، وأضخِّم الأمور.
وأحسُّ أيضًا بأنه ليس معي على قرار واحد اتَّفَقنا عليه في أمر يخصُّنا، فحين أتَّفق أنا وهو على موضوع يخصُّنا أجِدُه يبدِّل رأْيَه عندما يسأل أهله، وهذا يحْدُث حتَّى في أتْفَه المواضيع.
والله أنا خائفة جدًّا ألاَّ أرتاح معه بعد الزواج، خصوصًا أنَّ زواجي عن قريب، وسأعيش مع أهله في نفْس المنْزِل، وأنا أريد أن أتركه، وأهلي أيضًا يريدون ذلك؛ لأنَّهم يرَوْن أنَّ طِبَاعهم ليست كطباعِنا الَّتي تربَّيْنا عليها، وأنِّي لن أرتاح، ولن أنسجم مع حياتهم، وبصراحة هذا شعوري أيضًا أنِّي لست مرتاحة، وأريد أن أتركه.
وقد صلَّيْتُ استخارة، وعزَمْت على الأمر، ولكن في نفس الوقت لا أريد أن أَجْرحه أو أظلمه، خصوصًا أنه طيِّب معي وحنون، والله لا أعرف ماذا أفعل؟ أنا لا أطيق تصرُّفاتهم وأسلوبهم هو وأهله، ومتأكِّدة أنِّي لو تزوجتُه فلن أرتاح أبدًا، وفي نفس الوقت لا أريد أن أجرحه، أرجوك قولي لي ماذا أفعل؟ أرجوك!
الجواب:
تَبْدِين شخصية رقيقة وحسَّاسة، لا تحبِّين أن تؤْذِي أحدًا، وفي نفس الوقت يهمُّك أن يحترمك الآخرون، ويعامِلُوك بالمِثْل.. رائعةٌ هذه الصِّفات، لكنَّها تُتعِب أحيانًا في التعامل مع الآخرين، خاصَّة أنَّ كثيرًا من الناس لا يُراعُون ذلك ولا يقدِّرونه، ليس لِسُوءٍ بهم، لكن فقط لأنَّهم لم يعتادوه، ويأخذون الأمور ببساطة أكثر، أو بطريقة مختلفة!
حسنًا، القرار يبقى قرارَك وحْدَك، ومهما ساعدتُك فلن أستطيع أن أتَّخذ القرار عنك، ويَبْدو أن مشكلَتَك ليست في القرار بقدْرِ ما هي في: كيف توصِّلين قرارَكِ بالانفصال بأقلِّ خسائِرَ شعورية ممكنة، أليس كذلك؟
في القرارات المصيريَّة دَعِي المجامَلاَت جانبًا، المشاعر مهمَّة، لكن المشاعر التي تَقُودنا إلى الطريق الصَّحيح ليست المشاعر التي تشوِّش علينا؛ فلا تفكِّري في المشاعر الوقتيَّة؛ قد يتألَّم الآن قليلًا، لكن لو أنَّك فعلًا لن تحْتَملي الحياة مع طِباعهم، فألَمُ ساعة خير من ألم كلِّ ساعة!
لا شكَّ أنها ليست خطوة سهْلة؛ لذلك عليك التفكير فيها بموضوعية، والاستخارة بالتأكيد، ثم البحْث عن أحْكَمِ طريقة توصِّلين بها قرارك هذا، ويختلف هذا حسبَ طبيعته هو وأهله، لكن ربَّما تحتاجين أن تتحدَّثِي مع شخص حكيم في عائلتك؛ ليساعد معك.
كونه يتأثَّر كثيرًا بأهله، ويغيِّر ما اتَّفقتُم عليه بعد الجلوس معهم، فالأفضل أن يكون ذلك بحضور أهله وأهلِك، وبطريقة وُدِّية، حاولي قبْلَها أن تمهِّدي له؛ كيلا يُصدَم، وأخبريه باحترامك له، وبأنَّ المشكلة ليست في شخْصِه ولا في أهله، لكن فقط في اختلاف طباعكما، وبالتأكيد، احرصي أن يكون والِدُك أو والدتك أو أحد كبار عائلتك الحُكَماء هو المتحدِّث، ويبدو أنَّ أسْرَتَك بتربيتهم لن يَصعب عليهم الأمر - بإذن الله.
تحتاجون أن تكون صدورُكم رحْبَة، إنْ صدَمهم القرار أو تجاوبوا معه بطريقة غير متوقَّعة.
وفَّقك الله، ويسَّر لك الخيرَ حيثُ كان.
الكاتب: أريج الطباع
المصدر: موقع الألوكة